قد يكون من الصعب إقناع المريض بأن استئصال عضو ما من جسمه سينقذ حياته وأن وجوده يشكل مخاطرًا محققة عليها، إذ تقتصر رؤية المريض حينئذ على أنه لا يوجد ما يُعوض وظائف هذا العضو المُستأصل وأنه سيعيش حياة غير طبيعية بدونه. هذا باختصار الصراع الذي يعيش فيه الطبيب مع المرضى المرشحين لعملية استئصال البنكرياس.
ترى هل يمكن لعملية استئصال البنكرياس أن تنقذ حياة المريض حقًا؟ وما أنواعها والتقنيات المستخدمة لإجرائها؟ نجيب عن هذه الأسئلة وأكثر في فقرات هذا المقال.
استئصال البنكرياس | ينقذ حياة المرشحين له
قد يكون استئصال البنكرياس بأكمله أو جزء صغير منه إجراءً ضروريًا للحفاظ على حياة بعض المرضى ووقايتهم من مضاعفات خطيرة، وذلك في الحالات الآتية:
- مرضى سرطان البنكرياس الأولي، الذي نشأ في خلايا البنكرياس نفسها.
- المصابون بأورام ثانوية في البنكرياس، انتقلت إليه عادة من الكلى.
- مرضى التهاب البنكرياس المزمن.
- مصابو الحوادث الذي تعرضوا إلى صدمة شديدة في البنكرياس أدت إلى تهتك أنسجته.
في هذه الحالات كلما كان قرار استئصال البنكرياس سريعًا، قلت درجة الخطورة على حياة المريض، وزادت فرص تعافيه بعد عملية استئصال البنكرياس بمختلف أنواعها وتقنياتها.
استئصال البنكرياس | التقنيات المستخدمة
تُجرى عملية استئصال البنكرياس اعتمادًا على تقنيات عدة، ويحدد الجراح التقنية الأنسب لكل حالة حسب سبب الاستئصال، وحجم الجزء المُستأصل، وغيرها من العوامل المتعلقة بحالة المريض الصحية العامة، ولعل أشهر التقنيات المستخدمة في ذلك ما يلي:
الروبوت الجراحي
تُتبع هذه التقنية عند استئصال أورام البنكرياس التي تتسم بوجودها في أماكن يصعب الوصول إليها بالمنظار، إضافة إلى ذلك قد تكون هذه التقنية خيارًا آمنًا لمرضى أورام البنكرياس، إذ تقيهم من مضاعفات الشقوق الجراحية الكبيرة ومشكلات التئام الجروح التي تواجههم بسبب نقص المناعة.
يوفر الروبوت الجراحي أزرعًا عالية الكفاءة يتحكم الجراح بها عن بعد، وتوفر له رؤية عالية الدقة تعينه على استئصال خلايا الورم دون إلحاق أي تلف بالخلايا المجاورة.
استئصال البنكرياس بالمنظار الجراحي
يُستخدم المنظار الجراحي عادة عند استئصال جزء من البنكرياس مثل عملية استئصال ورم في البنكرياس، ولعل استخدامه يوفر للجراح والمريض مزايا عدة، أبرزها:
- رؤية واضحة ودقيقة لتجويف البطن وأجزاء البنكرياس والأوعية الدموية المحيطة به، بفضل وجود كاميرا فائقة الدقة في مقدمته تُكبر الصورة آلاف المرات، إضافة إلى مصدر الإضاءة.
- تعافي أسرع للمريض بعد العملية، لعدم وجود شقوق جراحية كبيرة في البطن واستبدالها بثقوب لا يتجاوز قطرها بضع مليمترات تتيح دخول المنظار والأدوات الجراحية الدقيقة.
ورغم نجاح عملية استئصال ورم البنكرياس بالمنظار، فمع الأسف لا يمكن إجراءها لجميع حالات أورام البنكرياس، إذ تتطلب بعض الحالات الاستئصال الكلي للبنكرياس، ولذلك لا زالت الجراحة المفتوحة أحد الخيارات الأساسية عند استئصال البنكرياس.
الاستئصال الجراحي التقليدي
يُعد الاستئصال الجراحي للبنكرياس من الجراحات الدقيقة للغاية، إذ تتطلب عمل شق جراحي كبير بطول البطن، للوصول إلى البنكرياس بسهولة، ومن ثم فصله عن جميع الأنسجة والأوعية الدموية المحيطة به واستئصال الجزء المراد التخلص منه لإنقاذ حياة المريض.
في كثير من الأحيان قد تتطلب حالة المرضى استئصال أجزاء من أعضاء أخرى محيطة بالبنكرياس، لضمان تعافي المريض تمامًا، وعادة يلجأ الجراحون إلى هذا الأسلوب في جراحة سرطان البنكرياس.
إذن نستنتج من حديثنا السابق وجود أنواع عدة من عمليات استئصال البنكرياس حسب حجم الجزء المُستأصل.
أنواع عملية استئصال البنكرياس
تشمل أنواع عملية استئصال البنكرياس حسب حجم الجزء المستأصل الخيارات الآتية:
استئصال جزء من البنكرياس
في هذا النوع من الجراحات تُستأصل الأجزاء الآتية، إضافة إلى أجزاء من الأعضاء المحيطة بها لضمان تعافي المريض، لعل أهم هذه الأجزاء:
- استئصال رأس البنكرياس، إضافة إلى جزء من الاثني عشر والقنوات المرارية والمرارة.
- استئصال ذيل البنكرياس مع الطحال.
الاستئصال الكلي للبنكرياس
عندما تتدهور حالة البنكرياس بأكلمه فلا توجد خلايا سليمة يمكن تركها لأداء وظائفه، يضطر الجراح إلى استئصال البنكرياس كليًا إضافة إلى الأوعية الدموية والعقد الليمفاوية المحيطة به، كما يستأصل الجزء السفلي من المعدة والاثني عشر والطحال والمرارة.
لذا تُصنف جراحة استئصال البنكرياس من الجراحات الدقيقة للغاية، والتي تتطلب خبرة ومهارة من الجراح في هذا النوع من العمليات لاتخاذ الاحتياطات اللازمة قبلها، واستئصال الأجزاء المصابة دون حدوث أي مضاعفات في أثناء العملية أو بعدها.
إقرأ عن: علاج ورم البنكرياس
استئصال البنكرياس | مدة العملية ونسب النجاح
تختلف المدة التي يستغرقها استئصال البنكرياس حسب نوع العملية، ففي حالة الاستئصال الجزئي تستغرق العملية نحو ٤ ساعات، أما عن الاستئصال الكلي فيستغرق نحو ٦ ساعات.
وعند حديثنا عن نسب النجاح نجد أنها تختلف باختلاف نوع العملية والسبب وراء الخضوع لها.
ولعل حديثنا عن الاستئصال الكلى للبنكرياس أثار في أذهان المرشحين لهذا الإجراء تساؤلًا شهيرًا وهو هل يمكن العيش بدون بنكرياس؟ وهل يوجد في الجسم ما يُعوض وظائفه.
هل يمكن العيش بدون بنكرياس؟
بالطبع يمكن العيش بدون بنكرياس، ولكن تطرأ تغيرات عدة على حياة المريض، تحتم عليه الالتزام ببعض التعليمات التي تعوض جسمه عن عدم وجود البنكرياس، لعل أهمها:
- تناول جرعات الإنسولين في المواعيد التي يوصي بها الطبيب مدى الحياة، وذلك لأن استئصال البنكرياس يحرم الجسم من الإنسولين المسؤول عن ضبط مستوى سكر الدم.
- المتابعة لدى متخصص في التغذية العلاجية للمواظبة على نظام غذائي يحتوي على أطعمة سهلة الهضم، إذ يتسبب استئصال البنكرياس في عدم إفراز الإنزيمات الهاضمة للدهون في الأمعاء.
- تناول الأدوية التي تحتوي على إنزيمات هاضمة لتجنب عسر الهضم وبطء حركة الأمعاء.
الالتزام بهذه التعليمات لا يقل أهمية إطلاقًا عن أداء خطوات العملية بمهارة واحترافية، وعليه عند حدوث أي قصور في هاتين المرحلتين، يصاب المريض بمضاعفات عدة تقلل نسب شفائه.
استئصال البنكرياس | المضاعفات المحتملة
تنقسم المضاعفات المرتبطة بعملية استئصال البنكرياس إلى شقين أساسيين، هما:
مضاعفات مرتبطة بالعملية
تحدث هذه المضاعفات عادة بسبب قلة كفاءة الطاقم الطبي أو سوء الظروف التي أجريت فيها الجراحة، وتشمل هذه المضاعفات:
- العدوى بسبب سوء التعقيم داخل غرفة العمليات.
- حدوث تسريب من أحد الأعضاء التي استُئصل أجزاء منها وأُعيد وصلها مرة أخرى مثل الأمعاء والمعدة.
- النزيف بسبب قطع بعض الأوعية الدموية عن طريق الخطأ.
مضاعفات مرتبطة بفترة النقاهة
تحدث هذه المضاعفات نتيجة تقاعس المريض عن الالتزام بنمط حياته الجديد بعد استئصال البنكرياس، وتشمل ما يلي:
- ارتفاع مستويات سكر الدم وما يترتب عليه من مضاعفات خطيرة على المدى الطويل.
- الإصابة بعسر الهضم والانسداد المعوي.
- معاناة سوء التغذية وفقدان الوزن بسبب التغيرات التي حدثت في الجهاز الهضمي.
- الإرهاق الشديد بسبب حاجة الجسم إلى فترة كافية للتعافي واستعادة النشاط بعد هذه الجراحة المُرهقة.
في نهاية حديثنا عن استئصال البنكرياس وأشهر التقنيات المستخدمة في ذلك، نتمنى أن نكون قد أجبنا عن كافة التساؤلات التي تدور في أذهانكم عن هذا الإجراء، يمكنكم معرفة مزيد من التفاصيل عن جراحات الاستئصال المرتبطة بأورام البنكرياس من خلال استشارة الدكتور هيثم فكري -استشاري أول جراحة الأورام- بالمعهد القومي للأورام بالقاهرة.
للحجز والاستفسار تواصلوا معنا من خلال الأرقام الموضحة في موقعنا الإلكتروني.
تعرف علي مزيد من خدمات الدكتور: