تُعد عملية استئصال القولون من أبرز العمليات الجراحية التي تُجرى لعلاج أمراض خطيرة تصيب الأمعاء الغليظة، خاصة في حالات الأورام أو الالتهابات المزمنة أو الانسدادات المعوية.
ومع تطور تقنيات الجراحة، أصبحت جراحة استئصال القولون بالمنظار خيارًا مثاليًا للعديد من المرضى، نظرًا إلى ما توفره من دقة وأمان وسرعة تعافٍ.
في هذا المقال، نستعرض تفاصيل عملية استئصال القولون ودواعي إجرائها، وأهم ما يتعلق بالجراحة بالمنظار.
متى نلجأ إلى عملية استئصال القولون؟
لا يُتخذ قرار استئصال القولون بسهولة، بل يُلجأ إليه عندما تفشل العلاجات الأخرى في السيطرة على الحالة، أو عندما تُشكّل المشكلة الصحية خطرًا مباشرًا على حياة المريض أو ويُحدد الأطباء هذا الخيار بناءً على تقييم دقيق لحالة القولون ومدى تأثره، وفيما يلي أبرز الأسباب التي تستدعي إجراء عملية استئصال القولون:
- استئصال سرطان القولون: يُجرى الاستئصال في حال وجود ورم خبيث في القولون، بهدف إزالة الورم بالكامل ومنع انتشاره إلى أعضاء أخرى.
- استئصال ورم حميد في القولون: قد يتطلب الاستئصال إذا كان الورم كبير الحجم أو يسبب أعراضًا مزعجة أو يحمل احتمالية عالية للتحوّل إلى ورم سرطاني.
- استئصال ثانويات القولون بالكبد: وذلك في حالة انتشار الورم إلى الكبد، يُجرى عملية استئصال ورم القولون وأنسجة القولون بالكامل ضمن خطة علاج متكاملة.
- الإصابة بأمراض التهابية مزمنة: مثل التهاب القولون التقرحي أو داء كرون، خاصة إذا لم تُجْدِ الأدوية نفعًا واستمرت الأعراض في التأثير على حياة المريض اليومية.
- النزيف المعوي الحاد: فعندما يكون النزيف مستمرًا ولا يمكن السيطرة عليه بالوسائل الطبية أو المنظار، يصبح الاستئصال ضرورة.
أنواع عملية استئصال القولون
تختلف عملية استئصال القولون من مريض لآخر حسب موضع الإصابة وطبيعة المرض ومدى انتشاره داخل الأمعاء الغليظة. ولهذا، يحدد الطبيب نوع الجراحة الأنسب بناءً على تشخيص دقيق وخطة علاجية شاملة وفيما يلي أبرز أنواع هذه العملية:
- استئصال جزء من القولون: يزال جزء محدد من القولون فقط وغالبًا ما يُستخدم هذا النوع في حالات الأورام الموضعية أو الالتهابات المحدودة.
- الاستئصال الكامل: تُزال فيه جميع أجزاء القولون، وقد يشمل أحيانًا المستقيم أيضًا، ويُستخدم غالبًا في حالات متقدمة من سرطان الأمعاء الغليظة أو عند الإصابة بأمراض التهابية مزمنة منتشرة.
- الاستئصال مع توصيل الأمعاء: بعد إزالة الجزء المصاب من القولون، يوصل طرفي الأمعاء المتبقيين لإعادة المسار الطبيعي للهضم دون الحاجة إلى صُنع فتحة إخراج.
عملية استئصال القولون بالمنظار… نقلة نوعية في الجراحة
أحدثت عملية استئصال القولون بالمنظار تطورًا كبيرًا في مجال الجراحة العامة وتعتمد على إحداث شقوق صغيرة في جدار البطن بدلًا من الجراحة المفتوحة واستخدام أدوات دقيقة وكاميرا عالية الدقة تتيح للجراح رؤية داخلية واضحة لتجويف البطن على شاشة، مما يسمح بإجراء الجراحة بدقة وأمان، ومن أبرز مميزات عملية استئصال القولون بالمنظار:
- خفض شعور المريض بالألم بعد الجراحة مقارنة بالجراحة التقليدية.
- الإقامة لفترة أقصر في المستشفى، مما يُسرّع عودة المريض إلى منزله ونشاطه اليومي.
- التعافي بشكل أسرع واستئناف الحياة الطبيعية في وقت أقصر.
- ندوب صغيرة بدلًا من الجرح الكبير، مما يحسّن الجانب التجميلي ويقلل من فرصة حدوث الفتق الجراحي.
- انخفاض احتمالية حدوث المضاعفات مثل العدوى أو النزيف أو التصاقات ما بعد الجراحة.
تُستخدم هذه التقنية في حالات عديدة مثل استئصال ورم القولون بالمنظار، سواء كان الورم حميدًا أو خبيثًا، بشرط أن يكون في مرحلة مبكرة أو متوسطة، وألا يكون قد انتشر إلى أعضاء بعيدة كالكبد أو الغدد اللمفاوية البعيدة.
التحضير لعملية استئصال القولون
التحضير الجيد للجراحة يُعد خطوة أساسية لضمان نجاح العملية وتقليل المضاعفات المحتملة، يبدأ التحضير بتقييم شامل لحالة المريض الصحية وتحديد ما إذا كانت الجراحة بالمنظار ممكنة أو أن الجراحة المفتوحة هي الخيار الأنسب، ويشمل التحضير للعملية ما يلي:
- الفحوصات الطبية الشاملة: وتتضمن إجراء تحاليل دم ووظائف الكبد والكلى، وفحص سيولة الدم، بالإضافة إلى تقييم حالة القلب والرئة، خاصة للمرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة.
- تنظير القولون: يُستخدم لتحديد موقع الإصابة بدقة، سواء كانت أورامًا أو التهابات مزمنة.
- التصوير الشعاعي: مثل الأشعة المقطعية أو الرنين المغناطيسي لتقييم مدى انتشار المرض، خصوصًا في حالات سرطان القولون أو سرطان الأمعاء الغليظة.
- تنظيف القولون: يُطلب من المريض تناول محاليل خاصة لتفريغ الأمعاء بالكامل قبل الجراحة، لضمان وضوح الرؤية وتقليل خطر العدوى.
- إيقاف بعض الأدوية خاصة أدوية السيولة أو الأدوية المضادة للالتهاب، وذلك لتقليل خطر النزيف أثناء الجراحة وبعدها.
وأخيرًا، يُشرح للمريض تفاصيل العملية واحتمالات توصيل الأمعاء أو الحاجة لفتحة إخراج مؤقتة والإجابة عن أي تساؤلات لديه، مما يُقلل من القلق ويُعزز التعاون بعد الجراحة.
ما بعد عملية استئصال القولون
تمر فترة ما بعد عملية استئصال القولون بعدة مراحل تهدف إلى ضمان تعافي المريض بأمان وتقليل أي مضاعفات محتملة، وتختلف مدة البقاء في المستشفى حسب نوع العملية وطريقة إجرائها وحالة المريض العامة، لكن في الغالب تتراوح بين عدة أيام إلى أسبوع وتكون أقصر في حال الجراحة بالمنظار، ومن أهم ملامح فترة ما بعد الجراحة:
- المراقبة الطبية الدقيقة: يُوضع المريض تحت الملاحظة في الساعات الأولى بعد الجراحة لمراقبة العلامات الحيوية والتأكد من استقرار حالته.
- التحكم في الألم: يُعطى المريض مسكنات مناسبة لتخفيف شعوره بالألم -وهو عرض طبيعي بعد الإجراء-، وغالبًا ما يكون الشعور بالألم أقل في الجراحة بالمنظار مقارنة بالجراحة المفتوحة.
- العودة التدريجية للأكل: يبدأ المريض بشرب السوائل، ثم يُنتقل تدريجيًا إلى الأطعمة اللينة، حسب استجابة الجهاز الهضمي.
- تشجيع الحركة المبكرة: يُطلب من المريض النهوض والتحرك في أقرب وقت ممكن بعد العملية، لتقليل خطر الجلطات وتحفيز نشاط الأمعاء.
- مراقبة مكان الجراحة: تفحص الشقوق الجراحية بانتظام للتأكد من سلامتها وخلوها من الالتهابات أو التسرب.
- المتابعة الغذائية: يُنصح المريض باتباع نظام غذائي خاص بعد الجراحة، يركز على السوائل والألياف القابلة للذوبان مع تجنب الأطعمة المهيّجة أو صعبة الهضم، حتى يستعيد القولون وظيفته الطبيعية.
- المتابعة طويلة الأمد: تشمل زيارات دورية للطبيب، خاصة في حالات استئصال سرطان القولون أو استئصال ثانويات القولون بالكبد، لمراقبة التعافي ومنع حدوث انتكاسات أو عودة الورم.
فهم ما يحدث بعد الجراحة والاستعداد له يُساعد المريض في تقبّل التغيرات المؤقتة التي يتعرض لها، ويُحسن من تجربته الصحية والنفسية خلال فترة التعافي.
المضاعفات المحتملة بعد عملية استئصال القولون
رغم أن عملية استئصال القولون تُعد آمنة إلى حد كبير عند إجرائها في مراكز متخصصة وعلى يد جراحين ذوي خبرة، إلا أنها كأي تدخل جراحي قد تُصاحبها بعض المضاعفات، خاصة إذا كانت الحالة الصحية العامة للمريض معقدة أو تأخر في التشخيص.
تختلف نسبة حدوث المضاعفات باختلاف نوع الجراحة (بالمنظار أو مفتوحة) ومدى انتشار المرض، والتزام المريض بتعليمات ما بعد العملية، ومن أبرز المضاعفات التي قد تحدث:
- العدوى الجراحية: سواء في الشقوق الخارجية أو داخل تجويف البطن، وقد تستدعي استخدام مضادات حيوية أو تدخلًا إضافيًا.
- نزيف داخلي أو خارجي: يحدث أحيانًا في الأيام الأولى بعد الجراحة، ويحتاج إلى مراقبة دقيقة.
- تسرب من مكان التوصيل: وهي من المضاعفات الخطيرة، تحدث عندما يتسرب محتوى الأمعاء من نقطة الاتصال الجديدة، وقد تستدعي جراحة طارئة أو تحويل مسار مؤقت للبراز.
- فتق جراحي: يظهر مع الوقت في مواضع الشقوق الجراحية، خاصة إذا لم يُلتزم بتعليمات الراحة ورفع الأحمال.
معظم هذه المضاعفات يمكن تلافيها أو التعامل معها بفعالية -إذا اكتشفت مبكرًا-، ولهذا تبقى المتابعة الطبية الدقيقة بعد عملية استئصال القولون أمرًا بالغ الأهمية، خاصة في حالات استئصال ورم القولون أو استئصال سرطان الأمعاء الغليظة لأن الحالة الصحية تكون أكثر تعقيدًا.
وفي الختام، إن عملية استئصال القولون إجراء ضروري في بعض الحالات المرضية، ويُعد خيارًا آمنًا وفعّالًا بفضل تطور الجراحة الحديثة خاصة بالمنظار.
إذا كنت تعاني مشكلات مزمنة في القولون لا تتردد في التواصل مع الدكتور هيثم فكري -استشاري جراحات الأورام في المعهد القومي للأورام، جامعة القاهرة-، لأنه من الأطباء المتميزين في هذا المجال، وذو خبرة عميقة ورؤية متكاملة لرعاية المرضى وتقديم أفضل الخيارات الجراحية المتاحة.
تعرف علي مزيد من خدمات الدكتور: