هل تعاني مؤخرًا انتفاخًا دائمًا في البطن وآلامًا غامضة لا تعرف لها سببًا؟ بالرغم من ارتباط تلك الأعراض بمشكلات أخرى تصيب الجهاز الهضمي، فمن الممكن أن تكون إشارة لحالة مرضية نادرة وخطيرة، وهي سرطان الغشاء البريتوني.
قد لا يحظي ذلك النوع من السرطان بالشهرة نفسها التي تُحيط بأنواع أخرى مثل سرطان القولون والثدي، لكنه لا يقل خطورة عنها، بل ربما تزيد بسبب عامل الندرة وصعوبة اكتشافه في المراحل الأولى، وفي هذا المقال سوف نستعرض معكم كل ما يجب معرفته عن سرطان الغشاء البريتوني، من الأنواع والأعراض والأسباب وطرق العلاج، ولكن بعد أن نتعرف إلى ما هو منديل البطن؟
ما هو منديل البطن؟
الغشاء البريتوني أو ما يعرف بـ “منديل البطن” هو نسيج رقيق يعمل كغطاء واقٍ يحمي الأعضاء الداخلية في البطن مثل المعدة والأمعاء، وتساهم خلاياه المناعية في محاربة العدوى والالتهاب، وبالرغم من ذلك، فمن الممكن أن يصاب هذا الغشاء بالسرطان.
إقرأ أيضاً: أعراض سرطان المعدة
كيف تحدث إصابة سرطان الغشاء البريتوني؟
يصيب هذا المرض النادر الإنسان من خلال طريقتين، وهما:
- انتقال الخلايا السرطانية من ورم موجود بعضو آخر في الجهاز الهضمي أو الجهاز التناسلي الأنثوي والاستقرار في الغشاء البريتوني وهو ما يُعرف بسرطان الغشاء البريتوني الثانوي.
- أو ينشأ السرطان في خلايا الغشاء البريتوني نفسه وتُعرف تلك الحالة باسم سرطان الغشاء البريتوني الأولى.
ويُعد سرطان الغشاء البريتوني الأولي أقل شيوعًا من النوع الثانوي، وتكثر الإصابة به بين النساء خصوصًا أكثرهنّ عرضة للإصابة بسرطان المبيض، أو من لديهن طفرات جينية أو تاريخ عائلي لسرطان المبيض، ويتشابه إلى حدٍ كبير مع سرطان المبيض من حيث الأعراض وطريقة العلاج، وتكمن صعوبته في أنه لا يُكتشف بسهولة.
أسباب الإصابة بسرطان الغشاء البريتوني
حتى الآن، لا تُعرف الأسباب الدقيقة للإصابة بسرطان الغشاء البريتوني، سواء في حالته الأولية أو الثانوية، ومع ذلك تشير الدراسات إلى وجود عوامل خطر محتملة قد تزيد من فرص الإصابة بهذا النوع من السرطان، خصوصًا عند النساء، ومنها:
- التاريخ المرضي والإصابة بأنواع أخرى من السرطانات مثل سرطان القولون وسرطان المبيض.
- وجود طفرات جينية، خاصةً تلك المرتبطة بسرطان المبيض والثدي لدى النساء.
- التعرض طويل الأمد للمواد المسرطنة وتجاهل علاج التهابات البطن المزمنة، ولكن الدراسات لازالت مستمرة لإثبات مدى صحة هذه الأسباب.
ما هي أعراض سرطان الغشاء البريتوني؟
يُعرف سرطان الغشاء البريتوني بأنه “السرطان الصامت” بسبب طبيعة أعراضه المتشابهة مع المشكلات الشائعة في الجهاز الهضمي، وتختلف الأعراض بين المراحل المبكرة والمتأخرة، لكنها في معظم الأحيان تظهر بصورة تدريجية، وفيما يلي أبرز الأعراض المرتبطة به:
-
انتفاخ البطن وتراكم السوائل
الانتفاخ المستمر في البطن من أولى العلامات التي يلاحظها المرضى، ويحدث ذلك بسبب تراكم السوائل داخل تجويف البطن، وهي حالة تُعرف طبيًا باسم “الاستسقاء البريتوني”، إذ يشعر المريض بثقل في بطنه، أو صعوبة في التنفس نتيجة ضغط السائل على الحجاب الحاجز، وقد يتطلب الأمر سحب السوائل دوريًا لتخفيف الأعراض.
-
آلام في البطن أو الحوض
قد يشعر المريض بآلام في البطن والحوض، تختلف في شدتها ومكانها حسب انتشار الورم ودرجة الالتهاب المصاحب له، ولكن في الغالب تكون هذه الآلام خفيفة في البداية ثم تزداد شدتها مع تقدم المرض، ولا تستجيب للمسكنات البسيطة وقد تُفسر أحيانًا بشكل خاطئ على أنها أعراض قولون عصبي.
-
مشكلات في الجهاز الهضمي
من الأعراض الشائعة أيضًا وجود صعوبة في الهضم أو الشعور بالشبع سريعًا أو الغثيان، وذلك بسبب ضغط الورم على المعدة والأمعاء، قد يُلاحظ المريض أيضًا تغيرات في حركة الأمعاء مثل الإمساك أو الإسهال.
-
فقدان الوزن غير المبرر
من أكثر الأعراض المقلقة المشيرة للإصابة بورم خبيث، فقدان الوزن غير المبرر وانخفاض الشهية، إذ يتراجع وزن المريض سريعًا رغم عدم وجود تغيير في نمط الحياة أو النظام الغذائي، يُعزى ذلك إلى تأثير الورم على التمثيل الغذائي للجسم، إضافةً إلى فقدان الطاقة بسبب الالتهاب المزمن.
-
الإرهاق العام
تُعد الشكوى الشائعة بين المصابين بسرطان الغشاء البريتوني، الشعور المستمر بالإرهاق والتعب العام، حتى بعد أخذ قسط كافٍ من الراحة، دون وجود تفسير لهذا التعب المزمن، ويرجع سببه إلى الالتهاب المزمن في الجسم وفقدان الشهية وفقر الدم الناتج عن سوء التغذية أو النزيف الداخلي الخفي.
انتبه من فضلك..
تتشارك أعراض سرطان الغشاء البريتوني مع العديد من الأمراض الأخرى كما ترى، لذا فمن المهم أن يتمتع المريض بالوعي الكافي لتلك الأعراض وأن يزور الطبيب مبكرًا، فكلما كان التشخيص في مراحله الأولى كان العلاج أسهل على المريض وعلى الطاقم الطبي.
الخيارات المتاحة لعلاج سرطان الغشاء البريتوني
يؤثر في طريقة علاج سرطان الغشاء البريتوني عدة عوامل، منها نوع السرطان ودرجة انتشاره والحالة العامة للمريض، وتأتي خطة علاجه مراعية لجانب تخفيف الأعراض مع الشفاء الكامل؛ فيما يلي أبرز خيارات العلاج المتاحة لسرطان الغشاء البريتوني:
استئصال الورم بالجراحة
تُعد خطوة أساسية في علاج سرطان الغشاء البريتوني، وغالبًا ما يتضمن استئصال أعضاء أخرى متضررة من الورم مثل القولون أو المبايض أو الرحم.
العلاج الكيميائي
بعد الجراحة، يخضع المريض لما يعرف بالعلاج الكيماوي الموضعي، يتضمن حقن بعض الأدوية إما في الوريد أو في تجويف البطن مباشرةً بواسطة تقنية HIPEC الحديثة؛ ويهدف العلاج الكيماوي إلى القضاء على ما تبقى من الخلايا السرطانية بعد استئصال الورم.
العلاج الموجه
لقد أثبت هذا العلاج فاعليته لدى العديد من المرضى، إذ يعتمد على استهداف الطفرات الجينية في حال اكتشافها، ويُستخدم خصوصًا في حالات السرطان الأولي أو السرطانات المشابهة لسرطان المبيض.
العلاج التلطيفي في المراحل المتقدمة
في الحالات التي لا يكون فيها الشفاء ممكنًا بسبب انتشار المرض أو ضعف الحالة الصحية للمريض، تبدأ خطة العلاج التلطيفي، إذ يهدف إلى تخفيف الأعراض وتحسين جودة حياة المريض، ويشمل ذلك سحب السوائل من البطن لتخفيف الانتفاخ، وأخذ مسكنات الألم، وعلاج الغثيان، بالإضافة إلى الدعم النفسي والغذائي للمريض.
في النهاية..
رغم ندرة سرطان الغشاء البريتوني، إلا أن خطورته تكمن في أن أعراضه قد تمر مرور الكرام أو تشخص بطريقة خاطئة، ما يؤخر علاجه، لذلك فإن الوعي الصحي واليقظة تجاه أي تغيرات غير مبررة في الجسم، تلعب دورًا أساسيًا في تسريع التشخيص والبدء في العلاج في الوقت المناسب، لذلك لا تتردد في استشارة الطبيب إذا شعرت بأعراض غير معتادة، وتذكر أن التدخل المبكر قد يصنع فارقًا كبيرًا في حياتك.
لأي استفسارات أخرى عن سرطان الغشاء البريتوني يمكنكم زيارة الدكتور هيثم فكري -أستاذ جراحة الأورام بمعهد الأورام القومي بجامعة القاهرة- لحجز استشارة تواصلوا معنا عبر الارقام الموضحة أمامكم في موقعنا الإلكتروني.