عندما تسمع سيدة كلمة ورم في الثدي، قد تشعر بالقلق، لكن هذا التشخيص لا يعني النهاية فقد فتح الطب الحديث آفاقًا واسعة لعلاج أورام الثدي بأنواعها، سواء كانت خبيثة أو حميدة، فمع تعدد الخيارات العلاجية وهذا التنوع في طرق علاج أورام سرطان الثدي أصبح للمريضة فرصًا أكبر لتحقيق الشفاء وتحسين حياتها، وهذا ما سنوضحه من خلال مقال رحلة علاج اورام الثدي.
أول خطوة في علاج أورام الثدي التشخيص الدقيق
علاج أورام الثدي الناجح يبدأ دائمًا بتشخيص دقيق ولهذا تخضع المريضة لسلسلة من الفحوص الضرورية التي تساعد على تحديد طبيعة الورم بوضوح، وتشمل:
- الفحص الإكلينيكي.
- التصوير بالأشعة مثل الماموجرام والأشعة فوق الصوتية أو الرنين المغناطيسي حسب الحاجة.
- أخذ عينة من أنسجة الثدي لتحليل نسيج الورم وتحديد ما إذا كان حميدًا أو خبيثًا.
إن معرفة الفرق بين الورم الحميد والورم الخبيث خطوة هامة وضرورية لأنه يُحدد خطة العلاج بالكامل، فبينما تُعد الأورام الحميدة في الغالب غير مهددة للحياة، إلا أنها قد تستدعي تدخلًا جراحيًا في حال تسببت بأعراض مزعجة أو أثارت شكوكًا في الفحوص وفيما يلي سنتعرف على طرق علاج أورام الثدي.
الجراحة لعلاج أورام الثدي
تُعد الجراحة أحد الحلول العلاجية المهمة في بعض حالات أورام الثدي، ويتحدد اللجوء إليها بحسب نوع الورم وحجمه ومرحلته كما يلي:
الاستئصال الجزئي للورم (الاستئصال التحفظي)
يُزال الورم فقط مع جزء بسيط من النسيج المحيط لضمان عدم ترك أي خلايا سرطانية، ويُستخدم غالبًا مع العلاج الإشعاعي لضمان نتائج جيدة.
الاستئصال الكلي (المعروف باستئصال الثدي الكامل)
يُزال فيه الثدي بالكامل، ويُنصح به في حالات انتشار الورم داخل الثدي أو عندما يكون حجم الورم كبيرًا أو متعدد البؤر، ما يجعل الاستئصال الجزئي غير كافٍ.
وفي كلتا الحالتين، تُجرى عمليات أورام الثدي باستخدام تقنيات متقدمة مثل المنظار أو الروبوت الجراحي، ما يقلل حجم الجرح ويُسرّع التعافي، كما يمكن إجراء إعادة بناء الثدي بعد استئصاله باستخدام غرسات أو أنسجة ذاتية، ما يساعد على الحفاظ على الشكل الطبيعي للجسم بعد إزالة الورم.
الفرق بين المنظار والروبوت في جراحة الثدي
في إطار التقدم الطبي في علاج أورام الثدي، ظهر استخدام تقنيتين جراحيتين متطورتين هما:
- المنظار هو أداة دقيقة تُدخل من شقوق صغيرة في الجلد وتُستخدم فيه كاميرا وأدوات للتحكم في استئصال الثدي بدقة، ويعطي نتائج جراحية ممتازة مع ندوب طفيفة وزمن شفاء أسرع.
- الروبوت الجراحي يُعد نقلة نوعية، لأن الطبيب يتحكم في الأذرع الروبوتية عن بعد باستخدام وحدة تحكم، مما يتيح دقة متناهية وحركة سلسة لا تُقارن باليد البشرية، ويمنح القدرة على الوصول لمناطق معقدة دون إحداث ضرر بالنسيج المحيط.
العلاج الإشعاعي لعلاج أورام الثدي
يُستخدم العلاج الإشعاعي في كثير من حالات أورام الثدي بعد الجراحة، ويُعد خطوة فعالة للحد من احتمالية عودة الورم وإليك أبرز ملامحه:
- يُوصى به غالبًا عندما لا يُزال الثدي بالكامل، خاصة إذا كان الورم قريبًا من الجلد أو في منطقة تزيد فيها احتمالية بقاء خلايا سرطانية دقيقة.
- يعمل على تدمير أي خلايا سرطانية مجهرية قد تبقى بعد استئصال الورم.
- يُعطى بصورة جلسات منتظمة على مدار عدة أسابيع.
- يُحدد توقيت العلاج وعدد الجلسات حسب حجم الورم ونوعه ونتائج الجراحة.
يُعد العلاج الإشعاعي خطوة مكملة لا غنى عنها لتحقيق نتائج علاجية شاملة، لكن من آثاره الجانبية المحتملة ظهور احمرار الجلد أوتورم موضعي أو شعور بالإرهاق، وغالبًا ما تكون هذه الآثار مؤقتة وتزول بعد انتهاء العلاج.
ما دور العلاج الكيماوي في علاج أورام الثدي؟
يُستخدم العلاج الكيماوي في ثلاث حالات رئيسية:
- قبل الجراحة لتقليص حجم الورم (يسمى العلاج التحضيري).
- بعد الجراحة لتقليل خطر الانتكاس.
- في الأورام المنتشرة التي وصلت لأجزاء أخرى من الجسم.
العلاج الكيماوي يؤثر في الجسم كله، لذلك قد يسبب بعض الآثار الجانبية، لكنها تكون مؤقتة ويُشرف الفريق الطبي على متابعتها بعناية لضمان راحة المريضة وتقليل تأثيرها.
الآثار الجانبية للعلاج الكيماوي
ومن الآثار الجانبية للعلاج الكيماوي ما يلي:
- تساقط الشعر (مؤقت ويعود غالبًا بعد انتهاء العلاج).
- الغثيان والقيء.
- الإرهاق العام وضعف الطاقة.
- انخفاض عدد خلايا الدم ما يزيد خطر العدوى وفقر الدم والنزيف.
- التهاب وتقرحات الفم.
- فقدان الشهية وانخفاض الوزن.
- اضطرابات الجهاز الهضمي مثل الإسهال أو الإمساك.
- اضطرابات في الدورة الشهرية قد تؤدي إلى انقطاع الطمث المؤقت أو الدائم.
- مشكلات في الأظافر والجلد مثل الجفاف أو تغير اللون.
العلاج الهرموني لعلاج أورام الثدي
تحتوي بعض أورام الثدي على مستقبلات خاصة للهرمونات مثل الإستروجين أو البروجستيرون وتساعد الخلايا السرطانية على النمو، ويستخدم العلاج الهرموني لتقليل تأثيرها وإبطاء نمو الورم.
اقرأ أيضاً: الورم الليفي في الثدي
ما بعد علاج أورام الثدي وخطوات التعافي والرعاية المستمرة
لا يعني انتهاء رحلة العلاج نهاية المتابعة، بل هو بداية لمرحلة جديدة من الرعاية الطبية والنفسية التي تُعد ضرورية لضمان الشفاء الكامل والحفاظ على نمط حياة صحي ومتوازن، فنجاح العلاج لا يتوقف فقط على إزالة الورم، إنما يشمل المتابعة الدقيقة والدعم الشامل للمريضة ومن أهم جوانب الرعاية بعد العلاج:
- المتابعة المنتظمة: تُجرى فحوص دورية تشمل الكشف السريري والتصوير، لمراقبة أي تغيرات مبكرة قد تشير إلى عودة الورم أو مضاعفات محتملة.
- الدعم النفسي: تمر المريضة أحيانًا بتجربة صعبة نفسيًا وخصوصًا في حال خضعت لاستئصال كلي للثدي، فالدعم النفسي يُعد عنصرًا أساسيًا في التعافي.
- الاعتناء بالشكل الجمالي: بعض السيدات يخضعن لإعادة بناء الثدي ضمن خطة العلاج ويُراعى في ذلك الحفاظ على الشكل الطبيعي قدر الإمكان.
إن المراقبة الدقيقة والدعم المستمر يمنحان المريضة فرصة لرصد علامات الشفاء من سرطان الثدي بوضوح والعودة إلى نمط حياتها بثقة واستقرار.
كيفية اختيار دكتور جراحة اورام الثدي المناسب
عند مواجهة أي نوع من أورام الثدي فإن اختيار دكتور جراحة أورام الثدي المناسب يمثل نقطة محورية في نجاح الخطة العلاجية ومن معايير اختيار الجراح:
- الخبرة العملية، فالجراح الذي أجرى عددًا كبيرًا من العمليات، يكون أكثر قدرة على التعامل مع مختلف الحالات الطبية بدقة وأمان.
- الكفاءة التقنية والجراحية والإلمام بالتقنيات الحديثة.
- الوضوح والتواصل والقدرة على شرح كل الخيارات والمخاطر بوضوح، والإجابة على تساؤلات المريضة بصراحة واهتمام.
- المتابعة المستمرة والاهتمام بالدعم النفسي والتواصل مع المريضة حتى بعد الجراحة، بما يعزز ثقتها بنفسها وبخطة العلاج.
وفي الختام، علاج أورام الثدي لم يعد أمرًا مخيفًا كما كان، بل أصبح بداية حقيقية للشفاء، فكلما كان الكشف مبكرًا، زادت فرص النجاح وتحسنت النتائج.
إذا كنتِ تبحثين عن علاج أو استشارة في أورام الثدي، سواء علاج الورم الحميد في الثدي أو الخبيث، ننصحك بالتواصل مع الدكتور هيثم فكري –استشاري جراحات الأورام في المعهد القومي للأورام، جامعة القاهرة-، للحصول على استشارة طبية موثوقة.





