يُعد سرطان الساركوما من أنواع السرطانات النادرة التي تنشأ في الأنسجة الرخوة والعظام، ويثير هذا المرض الكثير من التساؤلات حوله منها ما يخص المقصود بالمرض ذاته، ومنها ما يتعلق بنسبة الشفاء منه وكيفية العلاج، ومن ثم سنوضح من خلال مقالنا هذا إلى أي مدى يمكن أن تصل نسبة الشفاء من سرطان الساركوما؟ وأهم العوامل التي تؤثر في هذه النسبة مع توضيح لسُبل العلاج المختلفة للمرض.
كم تبلغ نسبة الشفاء من سرطان الساركوما؟
قبل الخوض في تفاصيل نسبة الشفاء من الساركوما، ينبغي أولًا معرفة ما هو سرطان ساركوما؟ وهو نوع نادر من السرطان ينشأ في العظام أو الأنسجة الرخوة في الجسم، وذلك على عكس السرطانات الأكثر شيوعًا التي تبدأ في الأعضاء مثل الرئة أو الثدي، فإن الساركوما تنمو في الأنسجة التي تربط الأعضاء وتدعمها كالعظام والغضاريف والدهون والعضلات، ويوجد منه أكثر من 70 نوعًا مختلفًا.
أما عن نسبة الشفاء من سرطان الساركوما فقد تتراوح ما بين 26% – 77% في حال ساركوما العظام، وفي حال الإصابة في الأنسجة الرخوة قد تكون النسبة ما بين 15% -81%، ويعود هذا التفاوت الكبير في النسب نتيجة عدة عوامل تؤثر فيها وهي ما سنتعرف عليه تفصيليًا في سطورنا القادمة.
أهم العوامل المؤثرة في نسبة الشفاء من سرطان الساركوما
تعتمد نسبة الشفاء من سرطان الساركوما على عدة عوامل رئيسية، تختلف من حالة لأخرى، مما يجعل كل رحلة علاج فريدة من نوعها، وتشمل هذه العوامل ما يلي:
مرحلة المرض عند التشخيص
تُعد هذه النقطة الأهم، فكلما اُكتشف المرض في مرحلة مبكرة وقبل انتشاره إلى أعضاء أخرى من الجسم، زادت فرص الشفاء بصورة كبيرة، وعلى العكس عندما يكون السرطان قد وصل إلى الرئتين أو الكبد أو غيرها من الأعضاء، يصبح العلاج أكثر صعوبة وتقل فرص الشفاء الكامل.
نوع الساركوما
يوجد أكثر من 70 نوعًا مختلفًا من الساركوما، وكل نوع له خصائص بيولوجية وسلوك علاجي مختلف، بعض الأنواع مثل ساركوما يوينغ وساركوما العظام تستجيب جيدًا للعلاج الكيميائي والإشعاعي، مما يحسن من معدلات الشفاء، في المقابل قد تكون أنواع أخرى أقل استجابة.
حجم الورم وموقعه
الأورام الصغيرة التي يمكن استئصالها بالكامل عن طريق الجراحة تتمتع بنسبة شفاء عالية، أما الأورام التي تقع في مناطق يصعب الوصول إليها جراحيًا أو تكون قريبة من الأعضاء الحيوية، قد تكون أكثر تعقيدًا في العلاج مما يقلل من نسبة الشفاء من سرطان الساركوما حينها.
الحالة الصحية للمريض
الحالة الصحية العامة للمريض وعمره لهما دور كبير في قدرته على تحمل العلاجات القوية مثل العلاج الكيماوي، مما يؤثر بشكل مباشر في فعالية الخطة العلاجية والنتائج النهائية، كما يستجيب الأطفال والمراهقون في كثير من الأحيان للعلاج بصورة أفضل من البالغين، خاصة في أنواع معينة من الساركوما.
الاستجابة للعلاج وخبرة الطبيب المعالج
تتفاوت الاستجابة العلاجية من مريض إلى أخرى وعليه تختلف نسبة الشفاء، أيضًا خبرة الطبيب الذي يُشرف على حالة المريض لها دور لا يمكن الإغفال عنه، فالطبيب ذو الخبرة العالية في التعامل مع مختلف مراحل المرض، يعرف جيدًا من أين يبدأ الرحلة العلاجية وما هو العلاج الأفضل لكل حالة.
دور الجانب النفسي في زيادة نسبة الشفاء من سرطان الساركوما
بالإضافة للعوامل السابقة التي تؤثر في زيادة أو خفض نسبة الشفاء من سرطان الساركوما، لا يمكننا أن نغفل عن الجانب النفسي للمريض، فلا يقتصر علاج الأمراض الخطيرة على الجانب الجسدي فقط، فالحالة النفسية للمريض لها دور محوري في تحسين فرص الشفاء.
عندما يتلقى المريض دعمًا نفسيًا قويًا من الأهل والأصدقاء والفريق الطبي، فإنه يصبح أكثر قدرة على مواجهة التحديات المصاحبة للعلاج مثل: الآثار الجانبية للأدوية أو التعب والإرهاق، وعليه فإن التفاؤل والنفسية الهادئة يساعدان على تقوية الجهاز المناعي ويقللان من مستويات التوتر، مما يسمح للجسم بالتركيز على محاربة المرض، لذا فإن الاهتمام بالصحة النفسية للمريض وتوفير بيئة داعمة له يعد جزءًا أساسيًا من خطة العلاج الشاملة.
السُبل العلاجية المتاحة لسرطان الساركوما
بعد التعرف على تفاصيل نسبة الشفاء من سرطان الساركوما وأهم العوامل التي تؤثر فيها، تصبح الآن خطوة علاج سرطان الساركوما هي الشغل الشاغل للمريض، ويعتمد اختيار الخطة العلاجية على عدة عوامل أبرزها نوع السرطان ومرحلته وموقعه، بالإضافة إلى الحالة الصحية العامة للمريض، وغالبًا ما يستخدم مزيج من العلاجات لتحقيق أفضل النتائج، ويتضمن العلاج ما يلي:
العلاج الجراحي
تعد الجراحة هي العلاج الأساسي لمرض الساركوما، والهدف الرئيسي منها هو استئصال الورم بالكامل لضمان عدم ترك أي خلايا سرطانية، وتتضمن هذه الجراحات إزالة الورم فقط، مع إعادة بناء الجزء المتبقي من العظم أو الأنسجة باستخدام ترقيع عظمي أو مفاصل اصطناعية.
العلاج الإشعاعي
يستخدم العلاج الإشعاعي أشعة عالية الطاقة لتدمير الخلايا السرطانية، أيضًا يمكن استخدامه لتقليص حجم الورم قبل الجراحة مما يسهل استئصاله، أو للقضاء على أي خلايا متبقية بعد الجراحة لتقليل فرص عودة المرض.
ويُجرى عن طريق توجيه الأشعة بدقة عالية نحو الورم، يمكن إعطاؤه من خارج الجسم (إشعاع خارجي)، أو أحيانًا عن طريق زرع حبيبات مشعة صغيرة داخل الجسم بالقرب من الورم (إشعاع داخلي).
العلاج الكيماوي
يعمل العلاج الكيماوي على قتل الخلايا السرطانية في جميع أنحاء الجسم، ويُستخدم عادةً في الحالات التي يكون فيها السرطان قد انتشر، أو لتقليص حجم الأورام الكبيرة قبل الجراحة، وتُعطى الأدوية الكيماوية أما عن طريق الوريد أو عبر الفم، وتختلف أنواع الأدوية والبروتوكولات العلاجية بناءًا على نوع الساركوما ومدى انتشارها.
العلاج الموجه
هو تقنية حديثة وفيها يستهدف العلاج جينات أو بروتينات معينة في الخلايا السرطانية التي تساعدها على النمو والبقاء، وذلك على عكس العلاج الكيماوي التقليدي الذي يؤثر في الخلايا السليمة أيضًا، لذا فإن العلاج الموجه أكثر دقة وله آثار جانبية أقل.
العلاج المناعي
يساعد هذا النوع من العلاج جهاز المناعة في الجسم على التعرف على الخلايا السرطانية ومهاجمتها، ولا يزال العلاج المناعي في طور البحث لأنواع معينة من الساركوما، لكنه يظهر نتائج واعدة في بعض الحالات.
في النهاية،
من خلال حديثنا عن نسبة الشفاء من سرطان الساركوما نجد أنه لا يمكننا الجزم برقم محدد لنسبة الشفاء، وذلك نتيجة لعدة العوامل المختلفة التي تؤثر فيها والتي ذكرناها تفصيليًا أعلاه.
عزيزي المريض لا تجعل الأرقام بمثابة الحاجز الذي يقودك لليأس، خذ بالأسباب وتوكل وابدأ رحلة علاجك مع طبيب متخصص في جراحات الأورام فهو أفضل رفيق يساعدك على تجاوز هذه الرحلة.